تضم حياة الأنبياء الكثير من المعاني، والمفاهيم، وأيضًا التساؤلات التي تدور في أذهاننا، وتثير فضولنا في أغلب الأوقات، ومن أشهرها: هل دومًا رؤيا الأنبياء حق؟ وهل كانوا يرون ما نرى في أحلامنا أم لا؟ وهل كافة أحلامهم كانت بمثابة وحي، أم تتضمن أشياءً أخرى؟ وهل الرؤيا التي نراها من الممكن أن تكون حقًا أم لا؟
لذا في هذا المقال؛ سنعرض لك أبرز الأسئلة حول رؤيا الأنبياء، وإجاباتها، تابع معنا.
تفرّد الأنبياء عن سائر البشر بكثير من الصفات التي تجعلهم يرون غير ما نرى، ويواجهون غير ما نواجه، فهم معصومون من الخطأ فيما يبلغونه عن الله من أحكام، ومكلفون بتزكية الناس، وإخراجهم من الظلمات إلى النور بإذن الله وفق تعاليمه، وأوامره التي يتلقوّنها عن طريق الوحي، وهذا جُل ما يميزهم عنّا كبشر، إذ تُوحى إليهم رسالات ربهم بطرقٍ شتى؛ من أشهرها الرؤيا.
وفي الرؤيا، يرى الأنبياء ما يُطلب منهم بوضوح، وشفافية، ويجب عليهم الامتثال لتلك الأوامر؛ كما كان مع خليل الرحمن؛ إبراهيم -عليه السلام- عندما رأى في منامه أن الله -سبحانه وتعالى- يأمره بأن يذبح ابنه اسماعيل -عليه السلام- وبالفعل؛ كان قد همّ بتنفيذ هذا الوحي، ولكن من رحمته -سبحانه- أنه افتدى بذبح عظيم بدلًا من ولد إبراهيم.
لذا فالأنبياء يختلفون عنّا بأن أحلامنا في كثير من الأحيان قد تكون عشوائية، ولا تحمل أي معنى، ولكن أحلامهم دائمًا تكون ذات دلالة، ومغزى.
يبعث الله وحيه للأنبياء على شكل رؤى، ولأن أوامر وأحكام الله -سبحانه وتعالى- دائمًا هي الحق والصواب، فإن الرؤى التي يرونها تكون هي الأخرى حقًا. ومن هنا يبدأ الأنبياء في إرشاد الناس، وتبليغ الدين، وتقويم الأفكار، والأفعال؛ وفق العقيدة الربانية، وتبعًا لما بلغهم به ربهم، فهم لا ينطقون عن الهوى، فيقول ابن القيم رحمه الله: «ورؤيا الأنبياء وحي، فإنها معصومة من الشيطان، وهذا باتفاق الأمة».
نعم، الرؤيا مبدأ من مبادئ النبوة، وقد ثبت عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "الرُّؤيا الصّادقة جزءٌ من ستّةٍ وأربعين جزءًا من النُّبوّة"، أما بالنسبة للرؤيا في زمننا هذا فتُعد من المبشرات، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرُّؤيا الصّالحة يراها المؤمن أو تُرى له" رواه البخاري.
ذكر أهل العلم أن أغلب الرؤى قد تكون وحيًا أو رسالة ذات معنى، ومنها ما يحتاج إلى تفسير مثل رؤيا النبي ﷺ شربه للبن، ثم إعطاؤه الفضلة وما زاد لعمر بن الخطاب، والتي تُفسّر كما جاء فِي رواية أبي بكر بن سالم: أَنَّهُ ﷺ قَالَ لَهُمْ أَوِّلُوهَا، قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا عِلْمٌ أَعْطَاكَهُ اللَّهُ فَمَلَأَكَ مِنْهُ فَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ فَأَعْطَيْتَهَا عُمَرَ.
ومنها ما لا يحتاج إلى تفسير؛ مثل رؤيا النبي ﷺ قصرًا لعمر في الجنة، ورؤيا إبراهيم لذبح ابنه، فتلك الرؤيا مما هي على ظاهرها لا تحتاج إلى تأويل، وفي كلٍ تكون صادقة، وحقيقية.
من العصمة التي فضل الله بها الأنبياء على سائر العباد حفظهم من الخلط؛ فلا يقع في منامهم أي شيء قد يشغل بالهم، أو أية تداخلات قد يصعب تفسيرها، لذا فهم لا يرون أية أضغاث أحلام، ولا يتسلط الشيطان عليهم في المنام، وهذا باتفاق جموع العلماء، وقد ذكر ابن القيم أن رؤيا الأنبياء معصومة من الشيطان، ولهذا أقدم الخليل على ذبح ابنه إسماعيل بعد الرؤيا.
تُعد رؤيا الأنبياء حقًا مهما اختلفت أو تعددت، وكان لرؤيا النبي أشكالًا كثيرة منها:
من الآيات التي تدل على أن رؤيا الأنبياء حق؛ الآية 27 من سورة الفتح: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا}.
ونزلت تلك الآية في رؤيا الرسول ﷺ بعد مرور سنة من غزوة الأحزاب، عندما رأى أنه يدخل البيت الحرام هو وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين، معتمرين، وقد كان، وتحققت الرؤيا بعدها، ودخل النبي وأصحابه البيت الحرام، مُحلّقين، ومقصرين، ومعظّمين لشعيرة الله -سبحانه وتعالى-.
وأيضًا من الآيات التي تدل على أن رؤيا الأنبياء حق؛ الآية 100 من سورة يوسف: {وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا}، ونزلت تلك الآية عندما تحققت رؤيا سيدنا يوسف -عليه السلام- التي رأى فيها أحد عشر كوكبًا، والشمس، والقمر له ساجدين، وإذ بها تحدث في الحقيقة عندما خر أخوته له سجّدًا، وعندما رفع أبويه على العرش، ومن هنا كانت الرؤيا حقًا.
من خصائص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ أن أعينهم تنام ولكن قلوبهم فلا، فقد جاء في الصحيحين وموطأ الإمام مالك من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: «إن عينيَّ تنامان ولا ينام قلبي»، وفي لفظ للبخاري: «وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ..»، وقلوبهم لا تنام ليدركوا الوحي الذي يأتيهم في منامهم، وتلك من الأدلة القاطعة على أن رؤيا الأنبياء حق.
كما ذكرنا مسبقًا أن الأنبياء، يختلفون كثيرًا عن سائر الناس، ومن ضمن تلك الاختلافات أن رؤيا الإنسان تكون غير رؤيا الأنبياء، وقد تكون حقيقية في بعض الأحيان، وأحيانًا أخرى فلا، ومن علامات الرؤيا الصادقة:
ويجب أن نعلم بأن الأحلام الكاذبة لا حكمة من تأويلها، فلا يمكن أن يقع منها ضررٌ، أو تقع منها منفعة بغير مشيئة الله -سبحانه وتعالى-، فهي تحزن المرء، وذلك لقوله تعالى في سورة المجادلة: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
لكي تنعم برؤيا حقيقية وصادقة، يجب عليك اتباع التالي:
وفي نهاية المقال نكون قد أجبنا على أشهر الأسئلة المتعلقة بهل رؤيا الأنبياء حق أم لا، وغيرها من التساؤلات الأخرى المرتبطة بذلك الموضوع، آملين أن نكون قد حققنا لكل قارئ الاستفادة والنفع بإذن الله.
نعرض من خلال هذا المقال أبرز حقائق عالم الأحلام مثل تعريف الحلم، ومتى يحدث، ولماذا ننسى معظم أحلامنا، وغير ذلك فتابع معنا.
تعرف على تفسير حلم النمل بالتفصيل. تفسير حلم النمل يلاحقني، تفسير عدد وحجم النمل في المنام، تفسير سماع النمل في المنام، تفسير حلم النمل يطير في المنام، وغير ذلك
نعرض في هذا المقال تفسير حلم العقرب للعزباء، والمتزوجة، والحامل، والمطلقة، وغير ذلك الكثير، فتابع معنا.