اهتم الإسلام بتشريع أذكارٍ لكل ما يخص الإنسان في مأكله، ومشربه، ونومه، ولباسه، ومما شرّعه؛ أذكار ما قبل النوم، إذ حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على تطبيقها عمليًا، وحثَّ المسلمين عليها أيضًا، وذلك لما ينتج عنها من فوائد للفرد، مثل: حمايته من كيد الشياطين، وحفظه من المكاره والآفات، هذا غير فضلها الكبير في الآخرة، من غفران الذنوب، ورفع الدرجات.
في هذا المقال نعرض 12 ذكرًا من أذكار ما قبل النوم الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مع بيان فضلها، فتابع معنا.
إنَّ الذكر -مع يُسره- من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله، لذا كان من سنن النبي المواظبة على الأذكار في جميع شؤونه، والحثّ عليها، ومن الذكر المستحب للمسلم المداومة عليه؛ أذكار ما قبل النوم، فبها يُحقق الفوزَ في الدنيا والآخرة، فهي تنجيبه -بأمر الله- من كيد الشياطين، ومن المكروه والآفات في ليلته.
وقد ورد في الحديث: "إن الرجل إذَا أوَى إلى فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وشيطانٌ، فَقَالَ المَلَكُ: اللَّهُمَّ اخْتِمْ بِخَيْرٍ، وقال الشيطان: اللهم اخْتِمْ بِشَرّ، فإنْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعالى، ثُمَّ نامَ، باتَ المَلَكُ يكلؤه".
إلى جانب ذلك، فهي تمنحه أجر اتباع سنة النبي، وامتثال أمر الله، والتوكل عليه، ومن فوَّض أمره لله كفاه.
ومن فوائد المداومة على الذكر أيضًا:
تتعدد أذكار ما قبل النوم الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويسن للمسلم أن يداوم عليها ما استطاع، فإن استثقلها واستكثر عددها؛ فليأت بما استطاع منها، امتثالًا للحديث الشريف: "سددوا، وقاربوا".
و أبرز هذه الأذكار:
يُسن للمسلم أن يرقي نفسه كل ليلة قبل النوم، وذلك بأن يجمع كفيه ثم يقرأ فيهما سورة الإخلاص وسورتي الفلق والناس، ثم ينفخ فيهما ويمسح بهما كامل جسده.
فقد ورد عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ: جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا، فَقَرَأَ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قراءة آية الكرسي قبل النوم، فمن حافظ عليها وقاه الله من الشيطان في ليلته،.
ومما ورد في الترغيب في قراءتها ما رواه البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ- فَقَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ"
فقراءة سورة الكرسي قبل النوم تحفظك من الشيطان حتى تصبح.
مما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضًا من أذكار ما قبل النوم؛ قراءة آخر آيتين من سورة البقرة، من قوله تعالى: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه.." وحتى نهاية السورة.
فقد روى البخاري، عن أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ"
واختلف العلماء في معنى كفتاه، فقيل: كفتاه من الآفات والمكروه في ليلته، وقيل: كفتاه عن قيام الليل.
من مات على التوحيد دخل الجنة، ومما يبرئ الإنسان من الشرك؛ قراءة سورة الكافرون قبل النوم، فقد ورد عن نوفل الأشجعي رضي اللّه عنه قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " اقْرأ : قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ، ثُمَّ نَمْ على خاتِمَتِها، فإنَّها بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ"
مما ورد من أذكار ما قبل النوم ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ"
روى مسلم في صحيحه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ قَالَ:
"اللَّهُمَّ إنك خَلَقْتَ نَفْسِي، وَأَنْتَ تَوَفَّاهَا، لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا، إِنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا، وَإِنْ أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ"
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ عُمَرَ؟ فَقَالَ: مِنْ خَيْرٍ مِنْ عُمَرَ، مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
من أذكار ما قبل النوم أيضًا؛ ما رواه أبو داود عَنْ السيدة حَفْصَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ قِنِى عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ" ويكررها ثلاث مرات.
روى البخاري، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ -رضي الله عنه- قَالَ:
"كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ".
ومن أذكار ما قبل النوم؛ قول المسلم إذا أوى إلى فراشه: اللهم رب السماوات السبع، ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر.
فقد ورد هذا الدعاء في صحيح مسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرويًّا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ورد في صحيح مسلم، عَنْ أَنَسٍ بن مالك -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ:
"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ".
روى البخاري ومسلم عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: (اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ: وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ".
مما ورد من أذكار ما قبل النوم أيضًا، ما رواه البخاري ومسلم، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- أَنَّ فَاطِمَةَ -رضي الله عنها- أَتَتْ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَقَالَ:
"أَلَا أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ، تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ".
يقول: "فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قِيلَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ".
فالمسلم الذي يحافظ على تلك الأذكار، ويسبقها بالوضوء لينام على طهارة، فقد حاز فضلًا عظيمًا، لكن هل يكفي ترديد أذكار النوم مرةً واحدةً كل ليلة، أم لا بد من إعادتها إذا استيقظتَ ليلًا.
الفصل بين قراءة الأذكار، والنوم -بأي عمل آخر-، مثل: الكلام، أو القيام لأي شأن، قد يستلزم إعادتها من جديد، إلا إذا تكلم بالشيء اليسير فلا بأس في تلك الحالة.
وذلك لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن البراء بن عازب، -الذي سبق ذكره- "...فاجعلهن آخر ما تقول".
كذلك الأمر إذا قمت ليلًا للصلاة أو لدخول الخلاء، أو غير ذلك، ثم عدت للنوم من جديد، يُسن أن تعيد أذكار ما قبل النوم ثانية، أو حتى تكتفي بما تيسر لك منها، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا قام أحدكم عن فراشه ثم رجع إليه فلينفضه بصنفة إزاره ثلاث مرات، فإنه لا يدري ما خلفه عليه بعد، فإذا اضطجع فليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، فإذا استيقظ فليقل: الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد علي روحي وأذن لي بذكره".
ولا فارق بين هذا الذكر وغيره من أذكار ما قبل النوم في حُكم الإعادة.
هناك أيضًا أذكار تقال قبل النوم؛ فكذلك للقلق وسط ساعات النوم أذكارٌ أخرى، ومن بينها:
إذا تقلب المسلم في فراشه يُسن له أن يقول: "لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهّارُ، رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزيزُ الْغَفَّارُ".
وذلك لما ورد عن السيدة عائشةَ -رضي الله تعالى عنها-، قالت: كان رسولُ الله ﷺ إذا تضوَّر من الليل قال: "لا إله إلا الله الواحدُ القهَّار، ربَّ السَّماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفَّار".
يُسن لمن فزع من نومه أن يقول: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ، وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّياطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ".
فقد روى الطبراني من حديث خالد بن الوليد أنه حدّث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أهاويل يراها بالليل، فقال: "قل أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ، وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّياطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ".
يتعبد المسلم بالاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جميع أقواله وأفعاله، ومن ضمن ما يقتدي به؛ المداومة على أذكار ما قبل النوم، فما استطعت منها؛ فواظب عليه، تسلم في الدنيا والآخرة.
ولأن المداومة على القليل من الذكر خير لك من أن تلزم نفسك بالكثير الذي لا تستطيعه؛ ثم تهجره، فكما ورد عن النبي: "أحبُّ العمل إلى الله عز وجل أدومه وإن قلَّ"، فاختر لنفسك بعضًا من تلك الأذكار، وداوم عليها؛ تجد ثمارها في دنياك وآخرتك.
نعرض من خلال هذا المقال أبرز حقائق عالم الأحلام مثل تعريف الحلم، ومتى يحدث، ولماذا ننسى معظم أحلامنا، وغير ذلك فتابع معنا.
تعرف على أبرز أسباب الكوابيس المتكررة وكيفية التغلب عليها في 10 خطوات مثل: إنشاء روتين للنوم، وتجنب الكحول، والابتعاد عن الأكل قبل النوم مباشرة، وغير ذلك
تعرف من خلال المقال على فائدة الوضوء قبل النوم: 1- تستغفر له الملائكة 2- التهيئة للموت 3- استجابة الدعاء وغير ذلك