الأحلام عالم غامض يشغل الإنسان منذ القِدم، وهذا ما جعل علماء النفس -وعلى رأسهم فرويد- يهتمون بتلك الظاهرة، ويحاولون دراستها والوصول لأسرارها.
فبدأت الأبحاث حول عالم الأحلام في منتصف القرن التاسع عشر، ورافقها ظهور مختبرات النوم، كمحاولة لتدعيم الأبحاث العلمية بالدراسات التجريبية.
لكن هل توصل العلماء في النهاية لمعرفة أسرار عالم الأحلام؟ وما هو الحلم؟ ولماذا نحلم؟ هذا ما سنوضحه في المقال؛ فتابع معنا.
يعرف عالم النفس التجريبي "كالفين هول" الحلم بأنه: مسلسل من الصور المنظورة خلال النوم، فيه مشهد أو أكثر، وأحداث وتفاعلات متعلقة بالحالم، فكأنه يشبه الفيلم السينمائي، إنما يختلف في أن صاحب الحلم يكون هو الممثل والمشاهد في آن واحد!
ويعرفه علماء آخرون على أنه عملية بيولوجية تتطلب وجود الوعي، حتى وإن كان الحلم واقعًا خلال النوم حين نظن أن الإنسان لا يعي ولا يدرك.
ويعزز هذا التعريف قول عالمي النفس "جان بياجيه" و"فولكس": أن تطور الحلم مرتبط بتطور ملكات المعرفة في الإنسان من الطفولة إلى الشيخوخة.
فقد أثبت "فولكس" بالتجارب السريرية على بعض الأطفال؛ أن الأحلام تطول وتشتد حيويتها وتعقدها كلما زاد الإدراك العقلي للطفل.
قسم العلماءُ النومَ إلى خمسة مراحل، بناءً على حال النائم، وشدة النوم، وهذه المراحل هي:
وهي المرحلة التي يهدأ فيها الدماغ، وحركة العينين، وينتظم التنفس، وتنتهي تلك المرحلة بعد نصف ساعة من بدء النوم، لينتقل بعدها النائم للمرحلة الثانية.
المرحلة الثانية تضعف بها أنشطة الدماغ الكهربائية والعصبية بشكل تدريجي، ليزداد التعمق في النوم تدريجيًّا.
وهما مرحلتي النوم العميق، إذ يصعب إيقاظ النائم خلالهما إلا بمؤثرات قوية، ويتسمان بالنوم الهادئ والضغط المنخفض.
ويطلق عليها مرحلة "الريم"، وهي التي يحلم فيها الإنسان، فيجمع النائم -في تلك المرحلة- بين صفات النوم واليقظة، إذ تزداد حركة العينين، وترتفع حرارة الجسم، ويزيد نشاط الكهرباء في الدماغ، وكذلك ترتفع سرعة التنفس ونبض القلب، وهكذا يكون الجسد نائمًا بينما الدماغ يقظًا.
وتتكرر مراحل النوم بشكل متتابع كل 90 دقيقة، فكأنها دائرة ينهيها النائم ليعيد بدءها من جديد، وبالتالي يمر النائم بمرحلة "الريم" أكثر من مرة خلال الليلة الواحدة، ويقدر العلماء التجريبيون عدد تلك المرات بـ 4- 6 مرات إذا نام الإنسان من 6 - 9 ساعات، وهكذا قد يشغل عالم الأحلام حوالي 25% من زمن النوم، فلماذا لا نتذكر كل تلك الأحلام؟
إذا كان النائم يحلم أكثر من أربعة مرات في الليلة الواحدة؛ فلماذا يستيقظ معظم أيامه دون أن يتذكر أيًّا من أحلامه؟
شغل هذا السؤالُ العديد من علماء النفس، والذين فسروه بتأويلات مختلفة، قد يكون أكثرها منطقية ما ذكره أستاذ الطب النفسي "إرنست هارتمان" عن توقف هرمون "النورإبينفرين"؛ والذي يعزز الذاكرة لدى البشر، إذ يتوقف إفراز ذلك الهرمون أثناء النوم، لذا -غالبًا- لا نتذكر سوى الأحلام التي سبقت استيقاظنا مباشرة، أو عند الاستيقاظ في مرحلة "الريم".
وقد أيدت الدراسات التجريبية تلك النظرية، فوفقًا للتجارب التي أُجريت على عدد من المتطوعين في مختبرات النوم؛ فإن إيقاظ المتطوع خلال فترة"الريم" يجعله يتذكر حوالي 80% من أحلامه، أي ما يعادل 4- 5 أحلام في الليلة الواحدة.
بينما في حالة نوم المتطوع ذاته في بيته بشكل طبيعي؛ فإنه لا يتذكر سوى حلمين أو ثلاثة أسبوعيًا.
وأيدتها كذلك أبحاث لعلماء من "هارفارد"، إذ قالوا أن هناك نوعين من الخلايا العصبية في جذع الدماغ تضبطان عملية النوم، لكل منهما هرمون عصبي مميز ومختلف، واحد منهما "استيل كولين" والخلايا الفارزة له هي المتقدة خلال مرحلة "الريم"، أما الثانية فهي التي تفرز "نورإبينفرين" و"سيروتونين" وهي المكبوتة خلال "الريم".
وبالتالي؛ ننسى 95% من أحلامنا، لأن الهرمونات المسؤولة عن عملية تخزين الأحلام والتذكر؛ -وهي "نورإبينفرين" و"سيروتونين"- تكون معطلة في فترة الحلم.
مع ذلك؛ فالنظرية السابقة تبقى مجرد نظرية تحتمل الصواب والخطأ، ويبقى عالم الأحلام محتفظًا بغموضه، فلا يستطيع إنسان فك جميع شفراته، ولعل هذا من رحمة الله بنا، فلو استطاع الإنسان تذكر جميع أحلامه لانهار تحت وطأة المعلومات الضخمة.
هل تساءلت يومًا من أين تأتي أحلامنا؟ وهل لها علاقة بحياتنا الواقعية؟ تساءل علماء النفس حول ذلك أيضًا، وانقسموا إلى أربعة مدارس رئيسة في الإجابة على ذلك السؤال، وهي:
أصحاب هذه المدرسة هم علماء نفسيون، وعلى رأسهم "فرويد"، وقد أرجعوا منشأ الأحلام إلى عوامل نفسية، على اختلاف تلك العوامل.
فعلى سبيل المثال: زعم فرويد في كتابه "تفسير الأحلام" أن الحلم بمثابة طريقة لإشباع الرغبات المكبوتة منذ الطفولة، والتي لا يستطيع الإنسان إشباعها في الواقع، فيكون الحلم هو وسيلته لإشباع تلك الرغبات دون خجل أو خوف.
انتقد عددٌ من علماء النفس تلك النظرية لفرويد، ورفضوا إرجاعها للطفولة، لكنهم فسروا منشأ عالم الأحلام بعوامل نفسية أخرى، قد تختلف من شخص لآخر، ومن ذلك ما قاله "ألفرد أدلر" أن الحلم ينشأ عن الصراع بين الحياة الواقعية للفرد وما يسعى إليه.
هؤلاء اعتبروا أيضًا عالم الأحلام ظاهرة نفسية، لكنهم رفضوا إرجاعها إلى الطفولة، وربطوها بالحياة الواقعية، فيرى بعضهم أن الأحلام ناتجة عن الأحداث التي يتعرض لها الإنسان خلال يومه.
بينما يرجح آخرون أن الحلم هو طريق لمصالحة الإنسان لذاته وصفاته التي لا يحبها.
وهم لا يرجعون الأحلام إلى الماضي فقط؛ بل يرونها بوابة للمستقبل أيضًا، فقد تحتوي بعض الأحلام على أحداث مستقبلية تتعلق بالحالم أو غيره.
العلماء التجريبيون جعلوا عملية الأحلام ناتجة عن النشاطات العصبية التي تحدث في الدماغ أثناء مرحلة "الريم"، وقالوا أيضًا أن تطور العمليات المعرفية والإدراكية للإنسان له دور في تطور قصة الحلم نفسها.
وبالتالي تكون عملية الحلم عندهم مزيجٌ بين الحالة النفسية للحالم، والنشاطات العصبية في الدماغ.
تفسر هذه المدرسة نشأة عالم الأحلام بالنشاطات العصبية في الدماغ.
إذ تنشط بعض الخلايا العصبية أثناء النوم، وترسل إشارات إلى الدماغ، وحينها يختلق الدماغ قصصًا من الذاكرة، حتى يستطيع تفسير تلك الإشارات.
المدارس السابقة على اختلاف مناهجها؛ اتفق معظمها على ربط عملية الأحلام بذكريات الإنسان والأحداث الواقعية التي يمر بها في يومه، ولا يختلف الإسلام مع ذلك التأويل، لكنه يتبنى تفسيرًا أكثر وضوحًا لمنشأ عالم الأحلام، ويضع منهجًا ثابتًا للتعامل معه.
فالأحلام في الإسلام ناتجة عن أمر من ثلاث، فهي إما:
فقد روى ابن ماجة، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ: مِنْهَا: أَهَاوِيلُ مِنْ الشَّيْطَانِ؛ لِيَحْزُنَ ابْنَ آدَمَ، وَمِنْهَا: مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ، وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ.
فجعل النبي الرؤيا الصالحة جزءًا من ميراث النبوة، وكذلك وضع منهجًا للتعامل مع الرؤيا السيئة، فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئًا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من شرها فإنها لن تضره".
لم يخلق الله تعالى أي شيء عبثًا، فحتى أحلامك التي لا تتذكرها لها فوائد، منها أن الحلم:
على الرغم من انشغال العديد من علماء النفس بعالم الأحلام، وإجرائهم الدراسات التجريبية كمحاولة للوصول لأسراره؛ إلا أنهم عجزوا عن فك معظم شفراتها، ولم يتوصلوا إلا للقليل من تلك الأسرار.
ليظل عالم الأحلام محتفظًا بغموضه، كعلامة على إعجاز الله في خلقه، فحتى أبسط أحلامك وأكثرها سذاجةً قد يكون لها وظيفةٌ عظيمة في حفظ دماغك والحفاظ على سلامة عقلك؛ من يدري!
كتاب عالم الأحلام منافعها ومحتواها ونظرياتها لإبراهيم فريد
WHY DO WE DREAM? THE SECRETS BEHIND OUR DREAMS... - Expat Nest e-counselling
Do You Dream Every Night? And More Facts About Dreams
Why Do Memories of Vivid Dreams Disappear Soon After Waking Up? - Scientific American
نعرض أبرز صفات مفسر الأحلام التي يجب توافرها: 1- الحكمة 2- السمعة الحسنة 3- معرفة عادات وتقاليد البلد التي يفسر فيها 4- العلم بالسحر والعين فتابع معنا
تعرف على تفسير حلم النمل بالتفصيل. تفسير حلم النمل يلاحقني، تفسير عدد وحجم النمل في المنام، تفسير سماع النمل في المنام، تفسير حلم النمل يطير في المنام، وغير ذلك
نعرض في هذا المقال تفسير حلم البكاء على شخص تحبه سواء للعزباء أو المتزوجة أو المطلقة وغير ذلك تبعًا لما جاء في الكتب، فتابع معنا.