أنعم الله على الإنسان بنعمة الخيال، ليتمكن من تصور الأمور التي يسعى إليها، ويرغب في تحقيقها، أو يتخيل المشكلات التي قد تواجهه في حياته، ويأخذ خطوات لتجنبها، ولكن مع الإفراط في استخدام ذلك الخيال، والبعد عن الواقع رويدًا رويدًا، يحدث ما يعرف بأحلام اليقظة المفرطة التي تؤثر تأثيرًا سلبيًا على حياة الإنسان إذا لم يحد منها.
في هذا المقال نعرض لك أبرز أسباب أحلام اليقظة المفرطة، وكيفية التغلب عليها، لنبدأ.
هل حدث يومًا وأن شرد ذهنك لبعض الوقت، فتتخيل أحداثًا، وأشخاصًا، وفعاليات مختلفة تمامًا عما حولك، كما لو أنك دخلت عالمًا جديدًا من صنعك أنت؟
بالضبط تلك هي أحلام اليقظة، عبارة عن مجموعة من الصور الذهنية التي ترسمها في عقلك، مكونًا أحداثًا أشبه بمقاطع الفيديو التي تأخذك واحدة تلو الأخرى، لتنفصل شيئًا فشيئًا عن العالم الخارجي، وتكون تلك الأحلام عبارة عن:
هي شرود الذهن بشكل مكثف، وزائد عن الطبيعي، ويعيش صاحبها فيها لأوقات طويلة قد تصل إلى ساعات، يُكون بها نسخة معدلة منه، ومن حياته كما يريد، وليس كما يفرض عليه الواقع، بالإضافة إلى عدم الرغبة في انتهائها، فتصبح إدمانًا، ويصعب التحكم بها.
تختلف أحلام اليقظة العادية كثيرًا عن أحلام اليقظة المفرطة، فأحلام اليقظة العادية هي نشاط ذهني طبيعي، لا يمثل ضررًا على الإنسان، بل إنه في بعض الأحيان قد يدفعه لتحقيق النجاحات، والتنبؤ بالمشكلات، إلى جانب أنها تستمر لبضعة دقائق، وهذا على عكس ما يحدث في أحلام اليقظة المفرطة.
في أحلام اليقظة المفرطة، يبدأ الفرد بالانفصال تدريجيًا عن الواقع، ويصبح ذلك بالنسبة له آلية دفاع، لحماية ذاته من الأحداث الخارجية، فيخلق له عالمًا خاصًا، يكون هو المتحكم الرئيس به، ونتيجة لذلك يبدأ بالتفاعل مع هذا العالم؛ فنراه يتحدث مع شخصيات افتراضية، ويعيش أحداثًا أخرى غير التي يعيشها من حوله، وهنا يكمن الاختلاف بين أحلام اليقظة العادية، وأحلام اليقظة المفرطة، إذ إن أحلام اليقظة العادية تحدث داخل عقل الفرد، أما أحلام اليقظة المفرطة تظهر على سلوكيات، وتصرفات من يعاني منها.
يعتقد الخبراء أن أسباب أحلام اليقظة المفرطة ترجع إلى آليات الهروب التابعة لنظرية التحليل النفسي، والتي توضح أن عقل الإنسان اللاواعي عندما يواجه الأحداث غير السارة يلجأ بشكل تلقائي إلى آليات دفاع لحمايته من تلقي الصدمات، أو الألآم، فيبدأ الفرد باستحضار عالم وهمي يهرب إليه في المواقف التي قد تؤذيه، أو يصعب عليه تحملها، مثل:
عندما يصل الملل عند الفرد إلى الذروة، يبدأ عقله في البحث عما يثير حماسته، فيلجأ إلى أحلام اليقظة كوسيلة مساعدة للتخلص من الروتين الممل، ويظهر كحالة شائعة عند الانطوائيين بشكل زائد، بسبب عدم تكيفهم مع المجتمع من حولهم، ومع الوقت ينخرط كل منهم في أحلام اليقظة لتصبح بذلك أحلام يقظة مفرطة، مما يؤثر على علاقاتهم الاجتماعية، وحياتهم العملية.
يظهر ذلك عند المرضى، أو كبار السن، فمن يعاني منهم من الوحدة؛ نجد أن رد فعل عقله بشكلٍ تلقائي لمواجهة تلك العزلة هو اللجوء إلى أحلام اليقظة التي تتطور تدريجيًا لتصبح إدمانًا عن طريق خلق سيناريوهات مختلفة للعيش بها بعيدًا عن الواقع الأليم.
عندما يعتاد الفرد على نمط حياة معين، وفجأة وبشكل غير مسبوق يحدث تغييرًا جذريًا في ذلك النمط، فإن العقل لا يستطيع استيعاب ذلك التغيير، ويكون الأيسر بالنسبة له اللجوء إلى أحلام اليقظة المفرطة؛ لكي تساعده على التكيف مع ذلك الواقع بشكل، أو بآخر.
يظهر على الشخص الذي يعاني من أحلام اليقظة المفرطة عدة أعراض، من أبرزها:
بعد قراءة النقاط السابقة، قد يجد البعض أن أعراض أحلام اليقظة المفرطة تتشابه مع أعراض الفصام، فهل من الممكن أن تكون سببًا في الإصابة به؟
حتى وقتنا هذا لم تجد الأبحاث أية علاقة بين الحالتين، ولا يوجد أي دليل على أن أحلام اليقظة المفرطة من الممكن أن تؤدي إلى اضطراب انفصام الشخصية، ولكن الفرق الرئيس بين كل منهما هو أن الأشخاص الذين يعانون من أحلام اليقظة المفرطة يعلمون أنهم يحلمون، أما مرضى الفصام يتعاملون مع هلوساتهم على أنها حقيقية.
لكي تتغلب على أحلام اليقظة المفرطة، يمكنك اتباع الخطوات التالية:
البحث عن السبب نصف العلاج، وللتخلص من أحلام اليقظة المفرطة لا بد أن تعرف ما سببها من النقاط السابقة، وتبدأ في حلها، على سبيل المثال، إذا كان سببها تغييرات جذرية في حياتك؛ فيمكنك مواجهة الأمر، والتعلم تدريجيًا، والسعي في معرفة ما الذي تحتاجه لكي تتواءم مع هذا الواقع، امتثالًا لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- "إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم".
غرفة معينة، وقت محدد من اليوم، أفلام أو ألعاب، كافة تلك الأشياء أو بعضًا منها بالتأكيد تمثل لك محفزات لأحلام اليقظة المفرطة، لذا يجب عليك تحديدها، والانتباه لها جيدًا، على سبيل المثال، إذا اعتدت على ممارسة أحلام اليقظة المفرطة في وقت ما من اليوم، ابدأ على الفور بملئه بأنشطة أخرى لتتخلص تدريجيًا منها.
أثبتت الدراسات أن عدم أخذ القدر الكافي من النوم يؤدي إلى تكرار أحلام اليقظة بنسبة كبيرة، بالإضافة إلى أنه يتسبب في ضعف الذاكرة، وتشتت الانتباه، لذا يجب عليك منح جسدك ما يحتاجه من النوم، لصحة عقلية، ونفسية أفضل، وإذا كنت تعاني من أحلام اليقظة المفرطة قبل النوم، يمكنك تشغيل القرآن الكريم لكي تنعم بنومٍ هادئٍ، في أمن، وسلام بإذن الله.
وُرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ"، فإذا لم يشغل الإنسان نفسه بالحق، شغلته نفسه بالباطل، لذا اغتنم يومك بأفضل شكل، ولا تترك عقلك للفراغ يفعل ما يحلو له، ويجذبك نحو أحلام اليقظة المفرطة، ومع الاستمرار في الأنشطة اليومية، والانشغال بها سترى التغير الملحوظ في حالتك النفسية، والعقلية.
استخدم دفتر يومياتك ليصبح صديق لحظاتك، فبدلًا من أن يشرد ذهنك، ويستقطع من يومك وقتًا طويلًا في التخيل، وبناء الأحلام، يمكنك تحويل تلك الأحلام إلى خطوات فعلية.
على سبيل المثال، إذا كنت ترسم في عقلك، أنك ستحصل على وظيفة ما في أفضل الشركات الموجودة حولك، وبدأ ذهنك في الاستفاضة في التخيل، فورًا اقطع حلقة التخيل تلك، وابدأ في تحويل تلك الأفكار إلى خطوات مثل: ما الذي أحتاجه لتطوير ذاتي حتى يتم قبولي في تلك الشركة؟
وبذلك تتمكن من تحويل أحلام اليقظة المفرطة إلى أحلام يقظة طبيعية.
إذا كنت تعاني من حدة شديدة في الأحلام المفرطة، ولا تستطيع التحكم بها نهائيًا، يمكنك اللجوء إلى متخصص ليساعدك من خلال ما يُعرف بالعلاج المعرفي السلوكي، ويضع استراتيجيات معينة تتبعها، ومن ثمّ التحسن بإذن الله.
وأخيرًا، أحلام اليقظة المفرطة لا تقع ضمن فئة الأمراض، أو الاضطرابات النفسية، فلا داعٍ للقلق، وبعدة خطوات بسيطة لتدريب عقلك على عدم التعمق بها، يمكنك التخلص من تأثيرها السلبي على حياتك بإذن الله،
وللأسئلة، والاستفسارات يمكنك التواصل مع منصة عبر لتفسير الأحلام الآن.
تعرف على أبرز أحلام الأطفال في علم النفس ودلالاتها: 1- الحلم بالحيوانات 2- الحلم بالضياع بعيدًا عن الأهل 3- الحلم بعدم وجود أصدقاء وغير ذلك
نعرض من خلال هذا المقال أبرز حقائق عالم الأحلام مثل تعريف الحلم، ومتى يحدث، ولماذا ننسى معظم أحلامنا، وغير ذلك فتابع معنا.
نعرض أبرز صفات مفسر الأحلام التي يجب توافرها: 1- الحكمة 2- السمعة الحسنة 3- معرفة عادات وتقاليد البلد التي يفسر فيها 4- العلم بالسحر والعين فتابع معنا